Thursday, December 23, 2010

النمل بقلم: الدكتور مروان شعبان

النمل

بقلم: الدكتور مروان شعبان

قال تعالى : ) حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِي النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَاأَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ [1](

توضح هذه الآية الكريمة أن للنمل لغة يتخاطبون بها ومن خلالها يتفاهمون، وهذه النملة التي وقفت – خطيباً – في قومها تحذرهم من الخطر الداهم الذي سينزل بهم إن لم يدخلوا مساكنهم ويختبؤا من سليمان وجنوده...ولقد أشرنا في بداية هذه الوحدة إلى لغة الحشرات، وخاصة النمل.

والذي يراقب النمل يجد أن له حياة اجتماعية تفوق حياة كثير من البشر، ذلك لأن مظهر التعاون والود والحب قد تألف في حياة النمل، وللنمل منشآت اجتماعية، وطرق ومسالك منتظمة وقد أقاموا مستعمرات رتيبة و أنفاق دقيقة، وكل ذلك تم عبر المساعدة والتكافل الجماعي.

وصف تشريحي واجتماعي للنمل

النمل أكثر الحشرات ذكاء، إذ توجد [2]له القدرة الفائقة على التعلم، ويتفق التركيب التشريحي للنملة في صفاته مع ما هو مألوف لدى الحشرات إلا أنها تتميز بوجود جهاز عصبي متقدم لها، مكون من عقد مخية تكون بمجموعها مخ النملة، وقد ساعدها هذا التكوين في أن يكون مسلكها واضح الذكاء والتعقيد.

gathering_hony_in_stomach

نملة تكد في الحصول على رزقها

1- وتتكون النملة من الرأس: وفيه قرنان استشعاريان طويلان وقويان على شكل زاوية قائمة، وهما عضوان مركبان بهما خاصتا الشم واللمس، وفكُّ النملة هو على هيئة كفين حادين معدين للقبض والحفر، وفي الرأس عينان جانبيتان وعوينات في يافوخ الرأس، ولهذا السبب تكون النملة البصيرة ذات حاسة بصرية قوية، ومن النمل ما هو أعمى، ومنها ما هو بصير.

2- الصدر والبطن: وبين الصدر والبطن اختناق كما في النحل والزنابير، وأما ما يميز النمل عن النحل والزنابير، هو أن الجهاز المركزي موجود في جسم النملة، أما في الرأس فتوجد العقد المخية، وفيها يندغم العصب البصري والعصب الشمي مع عصب قرن الاستشعار، وعصب الفك في جملة واحدة تتصل بباقي الجسم بواسطة أعصاب وعقد عصبية.

إن مسيرة ملايين النمل في أرتال منتظمة ومنضبطة تدل على قدرات عقلية متقدمة للنمل، في مجال التنظيم الاجتماعي، وهي بسلوكها الاجتماعي هذا يمكنها من التصدي حتى للحيوانات الكبيرة والتغذي بلحمها.

تتميز جميع أنواع النمل بأنها حشرات اجتماعية يصل عدد أفراد مستعمراتها الواحدة إلى عدة مئات من الألوف، ويعيش النمل في عش واحد يحتوي على أفراد مختلفة، جميعها تنتمي إلى نوع واحد من النمل، فالملكات : إناث خصيبة، يقتصر عملها على وضع البيض، والذكور: تولد من آن إلى آخر، ويقتصر دورها على تكوين الأسراب، والعاملات: تتحمل واجبات جمع الغذاء ورعاية الصغار، والقيام بكل ما يتعلق بالعش من أمور، كما يتولى الجنود من العاملات واجب الدفاع عنها، والعاملات والجنود جميعاً إناث عقيمة.

- الحروب في مستعمرات النمل: يكاد النمل أن يكون في حرب مستعمرة، بين عشائره المختلفة المنتمية إلى نفس النوع، أو إلى أنواع أخرى من النمل، ويتعرف أفراد العشيرة الواحدة بعضه على بعض، خلال رائحة مميزة يختص بها كل عش لوحده، وبذلك يعامل كل فرد لا يحمل ذات الرائحة معاملة الغريب العدو.

أكبر مدن النمل

في جبال بنسلفانيا إحدى الولايات الأمريكية أكبر من النمل في العالم، ومعظمها مبنية تحت الأرض و أكبرها يشغل ثلاثين فداناً حفرت فيها منازل النمل تتخللها الشوارع والمعابر والطرق، وكل نملة تعرف طريقها إلى بيتها بإحساس غريب.

تشمل كل قرية من قرى النمل على الطبقات التالية [3]

- باب التهوية.

- مكان الحرس لمنع دخول الغريب.

- أول طبقة لراحة العاملات في الصيف.

- مخزن ادخار الأقوات.

- مكان تناول الطعام.

- ثكنة الجنود.

- الغرف الملوكية حيث تبيض ملكة النمل.

- مكان تفقيس البيض.

- مكان تربية صغار النمل.

- مشتى النمل ، وفي يمينه جبانة لدفن من يموت.

- مشتى الملكة.

مساكن النمل صنعة الخالق العظيم

نمل الحصاد: تخرج النملة الصغيرة [4]من بيتها وتطلب قوتها، وإن بعدت عليها الطريق، فإذا ظفرت به حملته وساقته في طرق معوجة بعيدة ذات صعود وهبوط في غاية من التوتر حتى تصل إلى بيوتها، فتخزن فيها أقواتها، فإذا خزنتها عمدت إلى ما ينبت منها ففلقته لئلا ينبت، فإن كان ينبت مع فلقة باثنتين فلقته بأربعة، والنمل من أحرص الحيوانات ويُضرب بحرصه المثل، ومن حرصها أنها تكد طول الصيف، وتجمع للشتاء، وهي على ضعفها شديدة القوى، فإنها تحمل أضعاف وزنها وتجره إلى بيتها، وللنمل رائد يطلب الرزق، فإذا وقف عليه أخبر أصحابه فتخرج مجتمعة، وكل نملة تجتهد في صلاح العامة منها غير مختلسة من الحب شيئاً لنفسها دون صواحباتها.

التعاون والإخاء مظهر حضاري لدى النمل

النمل السام: يوجد أنواع كثيرة من النمل تفرز مواد سامة من أجل الدفاع عن النفس وعن مستعمراتها، ولهذه المادة مفعول مؤثر وفعال إذا لامست جسم الإنسان أو الحيوان المعتدي، وأطلق العلماء على هذه المادة اسم حامض النمليك أو ( الفورميك) وتصل كمية هذا الحامض في بعض الأنواع النملية إلى أكثر من خمس وزن الجسم تقريباً، وسبب التهاب جلد الإنسان أو الحيوان هو ملامسته النمل السام، الذي يفرز هذا الحامض من غدة تقع في نهاية بطن النملة، كما عند نوع النمل (atta) وأشهر أنواع النمل السام المسمى الأشقر أو الأحمر ( فورميكا بو ليكتينا) formica polyctena الذي يحاول أن يعض كل من يقترب منه

No comments:

Post a Comment